المدة الزمنية 6:13

من خير نساء العالمين المُحْصَنة الطاهرة التي اصطفاها الله من بين نساء العالَمين ( مريم بنت عمران) باكسرين

بواسطة أحبك ربي
493 مشاهدة
0
68
تم نشره في 2021/09/29

خير نساء العالمين 1- الحديث الأصل: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة الجملي، عن مرة الهمداني، عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((كمُلَ مِن الرجال كثيرٌ، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وفضلُ عائشةَ على النساء كفضل الثَّريدِ على سائر الطعام))[1]. 2- تخريج الحديث: الحديث أخرجه البخاريُّ في الصحيح من طريق شعبةَ به[1]، كما أخرجه أيضًا من طريق وكيع به[2]، مرفوعًا بنفس اللفظ، مع تقديم آسية على مريم. والحديث أخرجه مسلم من طريق وكيع عن شعبة بلفظ: ((كمل من الرجال كثيرٌ، ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون...)) [3]. 3- أحاديث في السياق نفسه: أخرج أحمدُ من طريق موسى بن عقبة، عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفضلُ نساء أهل الجنة خديجةُ بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم ابنة عمران، وآسية امرأة فرعون))[4]. وفي حديث آخر عن مَعْمَر عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((حسبُك مِن نساء العالَمين أربعٌ: مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد))[5]. ومن خلال مقارنة الأحاديثِ السالفة الذكر يتبيَّن أن ثمة اختلافًا في عددِ النساء المذكورات؛ حيث إن اللفظ الصحيح عند البخاريِّ ومسلم جاء فيه ذكر اسمينِ اثنين فقط، في حين أن الحديث قد ورد في غير الصحيحين بذكرِ أسماء أربعِ نساءٍ متَّصِفات بالكمال، كما أن مَن اتَّصفن بالكمال في حديث البخاريِّ ومسلم لم يُعاصِرْن زمن النبوَّة، خلافًا لِما جاء في غير الصحيحين، فقد أُضِيفت زوجة النبيِّ صلى الله عليه وسلم وابنتُه رضي الله عنهما، وقد ورد مِن طريق صحيحٍ في أحاديثَ أخرى ما يقتضي أفضليَّتهما رضي الله عنهما على غيرهما. 4- دلالات الأحاديث: لقد ذكر الكرمانيُّ في بيان معنى الكمال أنه يُقالُ لتمام الشيء وتناهيه في بابه، فالمراد بكمال النساء بلوغُ النهاية في جميع الفضائل التي للنساء[6]، فمريم بنت عمران هي المُحْصَنة الطاهرة التي اصطفاها الله من بين نساء العالَمين، واختارها على كلِّ نساء الأرض ليجعل لها آيةً، فهي المرأة التي اشتُهِرت بإيمانِها وتقواها، حتى جعل الله لها مخرجًا من ضيقها فأنطق وَليدَها، وكانت من قبلُ في كربٍ شديد جرَّاء ما لحق بها من أذى قومها، واتصافُها بالكمال يظهرُ مِن وجه قوله تعالى: ﴿ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ﴾ [المائدة: 75]؛ إذ إن مريم بنت عمران لم تكن نبيَّةً؛ بل كانت صدِّيقة كما وصفها الله تعالى، فاستحقَّت بذلك أن تنالَ مرتبة الولاية، وهي أقلُّ درجةً من مرتبة النبوَّة. وهناك فائدةٌ نفيسة وتوجُّهٌ جديد في تفسيرِ دلالة الكمال في اللفظ النبويِّ، تم من خلاله قياسُ كمال مريمَ على كمال الرجال، الأمر الذي ذهب إليه ابنُ أبي شيبة في مصنَّفه؛ حيث قال: "وقد دلَّ القرآن الكريم على هذا المعنى - أي: معنى الكمال - في حقِّ السيدة مريم، فقال تعالى: ﴿ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [آل عمران: 43]، ولم يَقُلْ: مع الراكعات، ومنه قوله عز وجل في آخر سورة التحريم: ﴿ وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ﴾ [التحريم: 12]، فذكرها بصفة الرجال لا النساء"[7] أما آسية، فقد كانت بدورها امرأةً صالحة، ووليَّة تقيَّةً عاصرت أكبرَ الطغاة، فضرَب الله بها مثلًا للإيمان والتقوى والوَرَع؛ حيث زهدت في ملك فرعون، فعوَّضها ربُّها خيرًا مِن ذلك كله، وجعلها من سيدات أهل الجنة. وفي هذا الصدد يقول القاضي أبو بكر بن العربي: "وهذا الحديث يَستدِلُّ به مَن يقول بنبوَّة النساء، ونبوَّة آسية ومريم، والجمهور على أنهما ليستا نبيَّتينِ؛ بل هما صِدِّيقتانِ ووليَّتان من أولياء الله تعالى، والقولُ بنبوَّتهما غريبٌ ضعيف، والإجماع على عدمها، والله أعلم"[8]. وفي الحديث أيضًا ذكر فضل عائشة رضي الله عنها على نساء هذه الأمَّة، ويبقى الإشكالُ المطروح هنا، هو قضية المفاضلة بين مريم وآسية وخديجة وفاطمة وعائشة رضي الله عنهن. يقول صلى الله عليه وسلم: ((كمُلَ مِن الرجال كثيرٌ، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)). فالحديثُ جاء فيه ذكرُ فضلِ عائشة على نساء العالَمين، لكن يُستَثنى منهن الأربع المذكورات[9]، فلولا ذكرُهن لصحَّ أن تكون عائشة رضي الله عنها أفضل منهن، والله أعلم؛ حيث جاء في اللفظ الصحيح للحديثِ وصفُ مريم وآسية بالكمال، والكمال في نظري أكثرُ درجةً من الفضيلة؛ إذ إن الكمال بلغ من الفضيلة ذِروتَها.   أما خديجة وفاطمة رضي الله عنهما، فهما ممن كمُلن من النساء في الصفات الحميدة أيضًا؛ إذ إن خديجةَ رضي الله عنها أوَّل صِدِّيقة آمَنَت بالدعوة المحمَّدية، وجاهَدت بمالِها، وبذلت الغاليَ والنَّفِيس في سبيل نصرة الإسلام، فكانت سندًا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، وعونًا له على الصبر في تحمُّل مشقَّة الدعوة، وبهذا تفرَّدت بالعديد من الصفات التي لم تحظَ بها أيُّ امرأة قطُّ؛ ممَّا جعلها ترقَى إلى مرتبة الكمال الذي دلَّ عليه لفظ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.   وأما فاطمةُ بنت النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقد بشَّرها عليه الصلاة والسلام بأنها سيِّدة أهل الجنة، وتلك مرتبةٌ لن تنالَها إلّا مَن اتَّصَفت بمكارم الأخلاق وخصال البرِّ والتقوى. وذُكرِت أفضليةُ خديجةَ وفاطمة رضي الله عنهما في أحاديثَ صحيحةٍ أخرى؛ حيث إن خديجة رضي الله عنها خيرُ نساء العالَمين؛ كما جاء في الحديث الصحيح: ((وخير نسائها خديجةُ بنت خويلد))[10]، ثم إن اللفظ الصحيح الوارد في تفضيل فاطمة رضي الله عنها جاء في قوله صلى الله عليه وسلم: ((يا فاطمةُ، ألا ترضين أن تكوني سيِّدةَ نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمَّة))[11]، فهذا الحديث صريحٌ في بابه، لا لبسَ فيه ولا يَحتمِل التأويل

الفئة

عرض المزيد

تعليقات - 86