المدة الزمنية 10:43

لماذا خلق الله الشر؟2 برنامج شبهات ومراجعات للشيخ محمد جندية الموسم الثاني الحلقة 27 باكسرين

70 مشاهدة
0
6
تم نشره في 2023/02/04

خلق الله عزوجل في الإنسان الله الخير والشر أو قدّره عليه؛ فلم يلام الانسان بعد ذلك على فعل الشر؟. نحن نؤمن أن علم الله تعالى ومشيئته وما خلقه وما قدر وكتب من الخير والشر؛ هي من أفعال الله عزوجل؛ وأفعال الله تعالى كمال كلها؛ حكمة كلها؛ وخير كلها؛ ومصلحة كلها. ونحن لا ننظر إلى الشر باعتبار أن الله عزوجل قدره وأوجبه؛ بل ننظر إلى الشر باعتبار المقدور له؛ مثال: خلق الله تعالى النار؛ وأبرز صفاتها الإحراق؛ فلا يمكن أن نصادف ناراً لا تحرق؛ فإن صادفتِ النار ما ينبغي إحراقه فهي خير؛ وإن صادفت ما ينبغي ألا يحرق فهو الشر؛ لكن بالنسبة لمن؟ النار إن أحرقت ما ينبغي ألا يحرق فهو شر إضافي بالنسبة لما أحرِق؛ أو بالنسبة لمن أساء استخدامها أو أخطأ في استخدامها؛ لكن هذا لا ينفي الخير في النار؛ فالشر الذي تراه من جانب هو خير من جوانب أخرى؛ يقول أبو حامد الغزالي: إن نقص الكون هو عين كماله مثلُ اعوجاج القوس هو عين صلاحيته و لو أنه استقام لما رمى .فالعوج نقص أو عيب في الأشياء؛ لكن كمال القوس في اعوجاجه؛ فبهذا الاعوجاج يؤدي المهام المنتظرة منه. - المصائب والكوارث لا تتعارض مع كون الله تعالى رحيماً بعباده: وقوع المصائب والابتلاءات أمر أخبرنا الله تعالى به في كتابه الكريم في آيات عديدة؛ فهذه سنته في عباده؛ أخبرنا أنه سيبتلينا بأنواع من البلاء، منها الخوف والجوع وابتلاءات في الأموال والأنفس والأرزاق، وهو سبحانه يذكر حكمة ذلك في كتابه؛ قال تعالى:" ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات" فالتعامل مع هذه المسألة كأن الله لم يخبرنا فيها بشيء يُعد ظلماً ونقصاً في التصور والبحث. ثم كيف يعترض المعترضون على وجود الشر أو خلقه وأكثر الشرور في العالم من البشر؛ مما كسبت أيديهم! فحين يختار الإنسان الشر؛ كالقتل والظلم والسرقة والاضطهاد ومنع الحقوق ونحو ذلك؛ فإنه يجب أن يُنسب إليه لا إلى الله سبحانه وتعالى، فالمخلفات الصناعيّة التي تسبب الأمراض، والحروبُ التي يقتل فيها البشر كلها من صنع الإنسان. والله سبحانه سيستوفي للمظلومين حقوقهم من الظالمين، ولكنْ في الدار الآخرة. إن كل شر في الكون: إبليس؛ الزلازل والبراكين والمصائب والكوارث الطبيعية وغيرها لم توجد في الكون إلا لحكمة؛ ومن أراد أن تتحول الحياة الدنيا إلى جنة لا همَّ ولا حزن فيها ولا تعب ولا شر؛ فقد أخطأ لأن الجنة بعد الموت يوم القيامة وليست في الحياة الدنيا؛ في الدنيا قال الله عزوجل: "لقد خلقنا الإنسان في كبد"؛ والإنسان لا ينعم في الدنيا من دون تعب وكبد؛ والنعيم لا يدرَك بالنعيم؛ قال تعالى:"أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون". - كل ما يحدث في الكون لا يحدث صدفة؛ ولا يحدث عبثاً؛ بل بتقدير الله عزوجل؛ ولِحَكم قد ندرك جانباً منها ويخفى علينا منها جوانب؛ فبعضُه عقوبة على فساد الناس، وبعضه جريان لقوانين وسنن إلهية، وبعضها تذكير للإنسان بعظمة خالقه وضعفه أمام أقدار الله تعالى، وبعضها يدفع الإنسان إلى العودة إلى ربه حيث لا يجد له في الأرض نصيراً يعينه؛ وغير ذلك من الحِكم. كما أنَّ كثيراً من الشرور التي نراها ليست شروراً محضة من كلّ وجه، بل يكون فيها جوانب خير، فكل مصيبة أو شر يقع تجد في ثناياه خيراً؛ وربما خيراً كثيراً، فقد يُصاب الإنسان بمرض يكون سبباً صارفاً له عن شرٍّ أعظمَ منه، وقد يخسر الإنسان صفقة مالية ربما لو كسبها لطغى وتجبّر، وقد يموت للإنسان ولد ربما لو عاش لكان وبالاً عليه، و قد يكون الإنسان مستحقًا للنار بعمله؛ فيصيبه الله بمصيبةٍ فيصبر عليها فيجزيه على صبره بالجنة -وهي الخير الحقيقي الدائم-. وما يكون خيراً لإنسان أو لجهة قد يكون شراً لآخرين؛ والعكس صحيح؛ ينزل المطر، وقد يسبب نزول الأمطار، وفيضان الأنهار مصائب لبعض الناس، لكن في المقابل يستمتع بهذه النعمة خلق كثير، ويعتبرونها خيراً عميماً؛ ونعمة عظيمة من الله، وفي هذا يقول الناس: مصائب قوم عند قوم فوائد. أحياناً يتخذ الناس قرارات من هذا النوع متعمدين؛ فلو اتخذت الدولة قراراً بشق طريق؛ فهذا فيه شر لكل من صودرت أرضه لصالح شق الطريق؛ لكن في الوقت ذاته هو خير لكل من يستفيد من شق هذا الطريق. قد تبني الدولة سداً بهدف حبس مياه الأمطار؛ وهذا شر بالنسبة لمن يسكن خلف السد؛ لكنه لا يذكر أمام الخير العام؛ هذا مع تعويض الدولة للمتضررين. توسعة الحرم الأخيرة؛ أظن أنها اشتملت على شر بالنسبة لأصحاب العقارات المجاورة للحرم؛ لكنه شر لا بد منه؛ ولا يذكر بجانب الخير المترتب على التوسعة؛ هذا فضلاً عن تعويض الدولة لأصحاب تلك العقارات. حتى على المستوى الفردي؛ لا يوجد شر إلا وفي ضمنه خير، ولو لم يوجد ذلك الشر لحصل ببطلانه شر أعظم من الشر الذي يتضمنه، فاليد المتآكلة قطعُها شر في الظاهر؛ لكنه اشتمل على خير أعظم منه وهو سلامة البدن، ولو تُرِكَ قطعُ اليد لهلك البدن، ولكان الشر أعظم. وقل مثل ذلك في كثير من الشرور التي تقع.

الفئة

عرض المزيد

تعليقات - 0